الثلاثاء، 10 يناير 2017

حكم مناداة الإنسان باسم أمه وحقيقة حديث أن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم

عدد التعليقات : 0
كثيرا ما تسمع إنسانا ينادي على آخر ب ( يا ابن فلانة ) باسم أمه ، وإذا عاتبته في هذا ، يقول لك متبجحا : الناس تنادى بأسماء أمهاتهم يوم القيامة !.

و الصحيح أن ما يفعله البعض من مناداة الآخر باسم أمه غير مشروع ...
لأنه من دعوى الجاهلية المنهي عنها ، ثم أن فيها تعريض بزنا الأم -كأنه يقول : ليس لك أب تنسب إليه و لذلك فأنا أناديك باسم أمك .

قال تعالى : " ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ " (الأحزاب:/5). 
وهذا عام في الحياة وبعد الممات .

و ثبت في صحيح البخاري عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى غُلاَمِهِ حُلَّةٌ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « يَا أَبَا ذَرٍّ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ .."

عير أبو ذر بلالا الحبشي بأمه بسبب أن أمه كانت سوداء فقال له : يا ابن السوداء.
- انظر قوله (فعيرته) نسبته إلى العار و هذا أمر شديد جدا .

و لذلك لا يشرع تعير المرء بأمه أو مناداته باسمها للتقليل من شأنه .
و هناك أحاديث و أخبار أخر في هذا الشأن ، نكتفي بما قدمنا مخافة السائمة و الملل .

( تنبيه ) : احتج بعضهم على أن المرء ينادى باسم أمه في الآخرة ،و من باب أولى في الدنيا بما راوه الطبراني في معجمه من حديث سعيد بن عبد الله الأودي قال: " شهدت أبا أمامة - وهو في النزع - قال: إذا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره ، فليقم أحدكم على رأس قبره ، ثم ليقل يا فلان بن فلان فإنه يسمعه ولا يجيبه، ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يقول: أرشدنا يرحمك الله، فذكر الحديث، وفيه فقال رجل: يا رسول الله، فإن لم يعرف أمه، قال فلينسبه إلى أمه حواء، " .

لكن هذا الحديث متفق على ضعفه، فلا تقوم به حجة فضلاً عن أن يعارض ما هو أصح منه , فالذي دلت عليه السنن الصحيحة الصريحة، ونصَّ عليه الأئمة كالبخاري وغيره أن الخلق يدعون يوم القيامة بآبائهم لا بأمهاتهم ، فروى البخاري في صحيحه: باب يدعى الناس يوم القيامة بآبائهم لا بأمهاتهم ، ثم ساق في الباب حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع الله لكل غادر لواء يوم القيامة، فيقال: هذه غدرة فلان ابن فلان".
وفي سنن أبي داود بإسناد جيد (قاله ابن القيم في تحفة المودود): عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسنوا أسماءكم ".
وما ورد أن الناس يدعون بأسماء أمهاتهم يوم القيامة فضعيف باتفاق أهل العلم بالحديث كما قال ابن القيم رحمه الله.
وردّ على من زعم أنهم يدعون بأمهاتهم لأن الشخص قد لا يكون نسبه ثابتاً من أبيه كالمنفي باللعان وولد الزنا فكيف يدعى بأبيه؟
رد على ذلك بأن من انقطع نسبه من جهة أبيه، فإنه يدعى بما يدعى به في الدنيا، فالعبد يدعى في الآخرة بما يدعى به في الدنيا من أب وأم....

والله تعالى أعلم .

بوركتم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق